كثيرا ما يتحدث المعلم والأستاد عن المفتش فأردت أن أشارك زملائي في الموضوع .وقبل هذا أقول لنفسي وزملائي إن المربي الذي يقوم بمهامه ويتفانى فيها يحترم من طرف الجميع
إن الإشراف التربوي قد تطور مفهومة ابتداء من الثلث الأول للقرن الماضي وحتى اليوم ، فبعد أن كان المفتش التربوي يهتم بشكل مباشر بمراقبة المعلمين وتصيد أخطائهم والنزعة نحو انتقادهم ومحاسبتهم و إلقاء الأوامر والتعليمات التي لا تنتهي عليهم ، والتعامل معهم على اعتبار انهم كائنات مسخرة لخدمة العملية التعليمية ، تغيرت هذه الصورة البشعة لاحقا ، وزالت النظرة الشوفينية والنزعة التسلطية التي كان يتسم بها المفتش التربوي ، وأصبح عمل المشرف التربوي يفرض عليه اتباع المقاييس الديموقراطية ، واحترام مشاعر المعلمين ، والحوار معهم ، وبذلك تحول دور المشرف التربوي من التفتيش إلى التوجيه ثم تغير إلى الإشراف التربوي الحديث والقائم على أسس علمية راسخة تكرس الحوار والنقاش الديموقراطي كأساس في العملية الإشرافية .
هذه التطورات جعلت عملية الإشراف التربوي مفتاح هاما للتقدم في العملية التعليمية ، ولا بد منها لنجاح العمل التربوي بشكل عام ونجاح المعلم في أداء واجباته بشكل خاص ، وبالتالي رفع المستوى التربوي والتعليمي لدى الطلاب اللذين هم المحور الأساسي للعملية التربوية برمتها .
والعمل الإشرافي ، شأنه شأن بقية عناصر النظام التربوي ، يواجه معوقات أو مشكلات تقف في طريقه حجر عثرة ويتطلب حلها تذليل الكثير من المصاعب ، واتخاذ قرارات هامة على أعلى المستويات ، وإجراء حوار ديموقراطي مع كافة الجهات ذات الصلة .
هذه المعوقات تختلف في حدتها وفي طبيعتها من نظام تربوي إلى آخر ، وإن كانت تشترك في العديد من القواسم المشتركة والتي سوف أناقشها بإيجاز في هذا البحث المختصر ، مستعرضا أولا مفهوم الإشراف التربوي ومميزاته ، ومقومات المشرف التربوي ومهامه الرئيسة ، ومختتما بحثي ببعض التوصيات التي قد تسهم في حل هذه المشكلات التي تقف في وجه المشرف التربوي وتعيق قيامه بواجباته وتنفيذ مسئولياته التي كلف بها .
مفهوم الإشراف التربوي
الإشراف التربوي Educational Supervision ، هو نشاط علمي منظم تقوم به سلطات إشرافيه على مستوى عال من الخبرة في مجال الإشراف ، بهدف تحسين العملية التعليمية التعلمية ، ويساعد في النمو المهني للمعلمين من خلال ما تقوم به تلك السلطات من الزيارات المستمرة للمعلمين وإعطائهم النصائح والتوجيهات التي تساعدهم على تحسين أدائهم
وقد تعددت تعريفات الإشراف التربوي ، فقد ذكر بعض الباحثين أن معني (( أن تشرف )) ، هو أن تنسق وان تحرك وان توجه عمل المدرسين في اتجاه واحد محدد ، باستخدام ذكاء التلاميذ
ونظرا لشمول وتعدد مهام المشرف التربوي ، فقد تعددت تعريفات الإشراف التربوي ، فالباحث تشارلز بوردمان وفي كتابه ( الإشراف الفني في التعليم ) يعرف الإشراف بأنه المجهود الذي يبذل لاستثارة وتنسيق وتوجيه النمو المستمر للمعلمين في المدرسة ، فرادى وجماعات ، لكي يفهموا وظائف التعليم فهما أحسن ، ويؤدوها بصورة أكثر فاعلية ، حتى يصبحوا اكثر قدرة على استثارة وتوجيه النمو المستمر لكل تلميذ نحو المشاركة الذكية والعميقة في بناء المجتمع الديموقراطي الحديث ، فيرى أن الإشراف التربوي ، نشاط يوجه لخدمة المعلمين ومساعدتهم في حل ما يعترضهم من مشكلات للقيام بواجباتهم على أكمل صورة
ويعرفه جيمس بأنه الوسيلة التي تستخدم لمساعدة المعلمين وتحسين حالتهم المهنية والعملية كما يعرفه الباحث أحمد حجي بأنه عملية إدارية تشمل كافة مراحل التعليم وتنظيماته ومستوياته الإدارية وكافة جنبات نظمه
أما المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، فقد عرفت الإشراف التربوي بأنه عملية شاملة للموقف التعليمي بكل عناصره : المعلم ، الطالب ، المنهج ، البيئة المدرسية ، كما انه أداة اتصال وتفاعل بين المؤسسات التعليمية والإدارة ، وتنمية شاملة لقدرات العناصر المشاركة في العملية التعليمية ، كما انه تحسين الواقع الميداني ( حسين ، عوض الله ، 2006، 17 ).
ويجمع التربويون على أن عملية الإشراف التربوي ، هي خدمة فنية متخصصة يقدمها المشرف التربوي المختص إلى المعلمين الذين يعملون معه ، بقصد تحسين عملية التعلم والتعليم ، وتعمل الخدمة الإشرافية على تمكين المعلم من المعرفة العلمية المطلوبة والمهارات الأدائية اللازمة ، على أن تقدم بطريقة إنسانية تكسب ثقة المعلمين وتزيد من تقبلهم وتحسن من اتجاهاتهم وتأسيسا على ما سبق ، وبالنظر إلى أن الإشراف التربوي عملية متكاملة منظمة ، فإنه يمكن تعريف الإشراف التربوي ، بأنه جميع النشاطات التربوية المنظمة التعاونية المستمرة ، التي يقوم بها المشرفون التربويون ومديرو المدارس والأقران والمعلمون أنفسهم ، بغية تحسين مهارات المعلمين التعليمية وتطويرها ، مما يؤدي إلى تحقيق أهداف العملية التعليمية التعلمية
مميزات عملية الإشراف التربوي
يمكن توضيح أهم مميزات عملية الإشراف التربوي في النقاط التالية:
1. عملية استشارية ، تقوم على احترام رأي كل من المعلم والطالب ، وتهدف إلى تهيئة فرص تعليمية متكاملة ، وتشجع على الابتكار والإبداع من ناحية ، والمشاركة في صنع واتخاذ القرارات من ناحية أخرى.
1. عملية منظمة تعتمد على التخطيط أساسا لها .
3. عملية قيادية ، تتمثل في القدرة على التأثير في المعلمين والطلاب وغيرهم ممن لهم علاقة بالعملية التعليمية ، لتنسيق جهودهم من أجل تحسين تلك العملية وتحقيق أهدافها عملية تعاونية ، حيث يتعاون كل من المشرف ومدير المدرسة والمعلم لإنجاح العملية التربوية والتعليمية.
1. عملية مستمرة ، بمعنى أنها تتم على مدى العام الدراسي.
6. عملية إنسانية ، فهي تهدف قبل كل شيء إلى الاعتراف بقيمة الفرد ، بصفته إنسانا ، لكي يتمكن من بناء صرح الثقة المتبادلة بينه وبين المعلم
1. عملية شاملة ، فهي تهتم بجميع العوامل المؤثرة في سير العملية التربوية.
2. عملية تتألف من مجموعة كبيرة من النشاطات التربوية ، كالتدريب والتخطيط والتقويم والتنسيق.
9. عملية الإشراف التربوي ، ليست هدفا في حد ذاته ، بل هي وسيلة لتوجيه المعلمين وإرشادهم وتزويدهم بكل جديد في مجال عملهم مما يكفل لهم تحسين مهاراتهم التعليمية وتطويرها داخل حجرة الصف وخارجها
مقومات المشرف التربوي
لا بد أن تتوفر لدى المشرف التربوي صفات خاصة ، تؤهله لأن يقوم بواجباته الموكلة إليه على أتم وجه ، وهذه الصفات الخاصة ، تتعلق أولا بشخصيته وباستعداده العلمي والمهني وقدراته وطريقة تعامله مع الجماعة وكفايته للقيام بعمله القيادي ، كما يجب أن يتصف المشرف التربوي بالشجاعة والصبر وقوة الإرادة والمثابرة على العمل والتصميم على بلوغ الأهداف والغايات وتكرار المحاولة فالمشرف التربوي لا بد أن يكون قادرا على العمل المستمر والهادف إلى رفع سوية المعلمين ورفد العملية التربوية بأفكار جديدة وخلاقة من أجل الرقي بمستوى الطلاب لتحقيق السياسة التربوية للدولة على أكمل وجه .
كذلك فإن المشرف التربوي الحديث والذي يتمتع برصيد وافر من الثقافة العلمية والفكرية الواسعة ، لا بد أن يتحلى بالأساليب الديموقراطية للحوار مع المعلمين والإدارات التربوية وان يكون مخلصا وصادقا مع نفسه ومع الآخرين ، وميالا للمودة ، كما ينبغي أن يتمتع بشخصية ديناميكية قوية وجذابة تستأثر بقلوب وعقول من يتعاملون معه ، وفي نفس الوقت عليه أن يتحلى ببعد النظر والقدرة على الابتكار والإبداع وتذليل العقبات التي قد تعترض سير العملية التربوية والتعليمية .